حين كانت الليلة الأخيرة من حياته
ماذا قال..
:ذكر عن قاضي القضاة أبي بكر بن الحدّاد المصريّ قال: لمّا كانت الليلة التي قُتل في صبيحتها الحلاّج قام واستقبل القبلة متوشحاً بردائه ورفع يديه وتكلم بكلام كثير جاوز الحفظ. فكان مما حفظته منه أن قال: نحن بشواهدك نلوذ. وبسنا عزتك نستضيء، لتبدي ما شئت من شأنك. وأنت الذي في السماء عرشك، وأنت (الذي في السماء إله وفي الأرض إله). تتجلى كما تشاء مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن صورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة والبرهان. ثم أوعزتَ إلى شاهدك الأنيّ في ذاتك الهويّ. كيف أنت إذا مثّلت بذاتي، عند عقيب كرّاتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعداً في معارجي إلى عروش أزلياتي، عند القول من بريّاتي. إني أُخذت وحُبست وأُحضرت وصُلبت وقُتلت وأُحرقت واحتملت السافيات الذاريات أجزائي. وإنّ لذرّةً من ينجوج مظانَّ هاكول متجليّاتي اعظم من الراسيات. ثم أنشأ يقول:
أنعَي إليك نفوساً طاح شـاهـدُهـا فيما ورا الحيثِ بل في شاهد القِدَمِ
أنعي إليك قلوباً طالما هـطَـلـت سحائبُ الوحي فيها أبحُرَ الحِكَـمِ
أنعي إليك لسانَ الحـقّ مـذ زَمَـنٍ أوْدَى وتذكارُه في الوهمِ كالعـدمِ
أنعي إليك بياناً تـسـتـكـين لـه أقوالُ كلّ فصيحٍ مقـوَلٍ فَـهِـمِ
أنعي إليك إِشاراتِ العقـول مـعـاً لم يبقَ منهنّ إِلاّ دارسُ الـرِمَـمِ
أنعي وحُبِّـك أخـلاقـاً لـطـائفةٍ كانت مطاياهمُ من مُكمِد الكَظَـمِ
مضى الجميعُ فلا عـينٌ ولا أثـرٌ مُضِيَّ عادٍ وفُـقـدانَ الأُلـي إِرَمِ
وخلّفوا معشراً يحذون لُـبـسَـهـمُ أعمى من البَهْم بل أعمى من النَعَمِ..؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق